المقدمة
كان المسلمون الاوائل أمة واحدة تتحد بعضهم بعض فى الجماعة الإسلامية, ولم يكن بينهم الخلاف الديني , لأنهم إذا طرأت عليهم المسألة يرجعون إلي النبي فينتهي الأمر . وبعد أن توفي النبي , نشأ الخلاف بين المسلمين في أمر الخلافة ,ثم نشأ الخلافة أيضا في قضية المرتكبي الكبيرة, أهو مؤمن أم كافر ؟ فاختلف المسلمون فيها اختلافا شديدا , فنشأ بأثرها الفرق والمذاهب الإسلا مية ,فظهرت منها
:الخوارج, الشيعة, المرجئة, المعتزلة, الجبرية, القدرية, و أهل السنة و الجما عة .
:الخوارج, الشيعة, المرجئة, المعتزلة, الجبرية, القدرية, و أهل السنة و الجما عة .
و في هذه المقالة سنبحث عن المذهب الجبرية و اراؤها الكلا مية ,والتاريخ اصولها.
مذ هب الجبرية
الجبرية مشتق من كلمة جبر بمعني إجبار وجبارة و تتطلب القيام بشيء,
ومصطلحها أن جميع أعمال الإنسان التي يحددها نظام القضاء والقدر الله. النقطة الأساسية هي أن يتم كل عمل الإنسان وليس عن طريق إرادة الرجل، ولكن تم إنشاؤها من قبل الله ومشيئته. هنا، الناس ليس لديهم الحرية في أن تفعل لأنها لا تملك القدرة
هذا المذهب أسسه جهم بن صفيان , ولد الجهم بن صفوان في الكوفة وهو الذي يقول بالجبر أي أن الإنسان مجبور في أفعاله وأنه لا قدرة , أنه
كا لريشة المعلقة في الهواء إذا هبت الريح تحرك يمينا و شمالا وإن لم تهب سكت وإن الله سبحانه وتعالي قدر عليه أعمالا لا بد أن تصدر منه.
و أسس هذا المذهب ايضا الجعد بن درهم .وهو مولي لبني حكام الساكن في
د مشق عاش في بيئة نصرانية , و لما نشر مذهبه هناك طرد أمير بني أمية وهرب إلي الكوفة ولقيه هناك جهم بن صفوان فتعلم منه هذه اللآراء,وأخذ جهم بدوره ينشرها ويدافع عنها .
قال أيضا : بنفي الصفات عن الله , وأنه لا يجوز أن يوصف بصفة يصح أن يتصف بها أحد من خلقه لأن هذا يوهم التشبيه فلا يقال عالم قادر و متكلم .
وأخذ هذا الكلام عن الجعد بن درهم .و أنه نفي عن الله الصفات التي تؤدي إلي تشبيهه بمخلوقا ته . وأتمت صفت الفعل والخلق فقط ولا يصح أن يتصف المخلوقات بهاتين الصفاتين. إذا انتفي عن المخلوقات هاتان الصفاتان لا يكون مختارين بل مجبور في أفعالهم ,و هذا أساس قولهم بالخبر.
ايضا ذهب الجهم أن نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار يفنيان ,وذالك لأن إثبات البقاء الدائم للنعيم والعذاب الآخرين فيه مشاركة الله واتصافه بالبقاء. وبما دون مشاركة شيء من المخلوقات في صفة من صفاته محال ,فبقاء نعيم الآخرة و عذابها محال.
و نفي صفات الكلام الله , لأن الكلام من صفات المخلقات و الكلام يلزم أن تكون له آلة الكلام .فيكون مشابها للحواجث ولما كان القرآن كلاما وهو مضاف إلي الله . فلا تكون إضافة إلا علي معني أنه مخلوق لا كلام ,لأن هذا يؤدي إلي المشابهة المستحيلة عليه, إذ ن يكون القرآن مخلوق الله .[1]
آراؤه الكلامية
آراء جهم بن صفوان
قوله بخلق القرآن وهو أول من تكلم به من أمة محمد بدمشق . أما قوله بخلق القرآن مخلوق الله , وإذا كان مخلوق فإنه يكون حديثا, وأيضا إذا كان مخلوقا لا يكون كلام الله . ثم ذهب إليه أيضا المعتزلة .
إنه قال بالتعطيل فمعناه إن لا يصح أن يتصف الله بصفات يتصف بها البشر كالكلام , فلا يقال متكلما كما لا يقال الله أبكم و سيذهب إلي هذا الرأي الامعتزلة .
إنه يقول بالجبر وأن الإنسان مجبور وأنه كالريشة المعلقة في الهواء وأن الأفعال تنسب إليه مجبور كما بنسب إلي الشمس صدور الضوء عنها.
آراء جعد بن درهم
فإنها تكاد تكون آراء جهم , وذالك لأننا عرفنا من تاريخ جهم ومن تاريخ الجعد أيضا أنهما لقيا في الكوفة ,وأن جهما تعلم من آراءه وأخذ نشرها فتكون آراءالجعد
كما روا مؤرخ النحل هي:
أولا: قوله بخلق القرآن وأنه أول من تكلم به من أمة محمد بدمشق .
ثانيا: أنه قال بالتعطيل , و أنه أول من حفظ عنه هذه المقالة في الإسلام .
ثالثا: أنه كان يقول بالقدر : إذ أن مروان تعلم منه (القول يخلق القرآن والقدر).[2]
أما قوله بخلق القرآن فمعناه أن القرآن مخلوقلاالله ,وإذا كان مخلوقا فإنه يكون حديثا ,وأيضا إذا كان مخلوقا لا يكون كلام الله . وهكذا ما قاله جهم في القرآن . وسنري أن المعتزلة يذهبون إلي هذا الرأي أيضا في القرآن .
وأما قوله بالتعطيل ,فمعناه كما رأينا عند جهم , أنه لا يصح أن يتصف الله سبحانه وتعالي بصفات يتصف بها البشر كالكلام ,و ضد ذالك أيضا كالبكم , فلا يقال "الله متكلم " كما لا يقال "الله أبكم " لأن كلا الوصفين يصح أن يتصف بهما البشر .
مصدر هذه اللآارء
ولكن من أين لجعد بمثل هذه الآراء ؟ أ يمكن أن يكون مصدرها الكتاب و السنة , اللذين هما المصدران للعقيدة الصحيحة عند المسلمين؟ الجواب "لا" كما أظن وذلك لأننا إذا نظرنا إلي قول (بالتعطيل ) نجديتعارض
وإذانظرنا إلي ما ذهب إليه من القول (الجبر) ,نري أن القرآن ما قطع في شيء من هذا , فلم يقل إن الإنسان (مجبور) كما لم يقل (إنه مختار) , وإنما بعض آياته يدل علي الجبر و بعضها يدل علي الإختيار
وأما رأيه الذي رآه في القرآن , وهو أنه مخلوق ,فلم يتعرض الكتاب أو السنة له , ولم يصف بأنه مخلوق , أو غير مخلوق, حادث أو قديم .[3]
قد نجد الإجابة عن مثل هذا السؤال عند بعض المؤرخين, فهذا ابن نباته المصري صاحب "شرح العيون " يروي لنا (أن الجعد أخذ ذلك "القول بخلق القرآن " من أبان بن سمعان , وأخذه أبان من طالوت بن أخت أعصم اليهودي الذي سحر النبي و كما يقول بخلق القرآن , وكان طالوت زنديقا , وهو أول من صنف لهم في ذالك , ثم أظهره الجعد بن درهم ).
تعقيب علي مذهب الجبرية
وقد رأت الجبرية بأن الإنسان مجبور بفعله من الله , ورغم كان فاعلا لفعله , إلا أن فعله مجازيا , لأن الفاعل الحقيقي هو الله .
وإذا كان ذالك كذالك , فمثلا إذا فعل الإنسان معصية من السريقة و الزنا فهل الفاعل هنا الله؟ فالجواب طبعا لا , تعالي الله عن ذلك .
وفي مشكلة تعطيل الصفات الإلهية التي توهم التشبيه بين الخالق والمخلوق كصفة الكلام والسمع و البصر وغيرها , فيمكن ردها بأن الله تعالي أثبت الصفات و نفي تشبيهها بقوله تعالي : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
وفي مسألة خلق القرآن فيمكن ردها بأن القرآن كلام الله , و كلام الله صفاته وصفاته قديمة أزلية .وإذا كان القرآن مخلوقا وكل مخلوق حادث,فمعناه أن الله إذا أراد أن يتكلم فيخلق كلاما أولا ثم يتكلم, وأذن فالله أن لم يخلق كلاما فهو أبكم (لا يتكلم) .
الخاتمة
بعد الانتهاء من هذا البحث, يستطيع الباحث أن يأخذ أهم نتائجه . أن مذهب الجبرية غلاة ضالون في التصور و الاعتقاد والسلوك , مع التشديد والاخذ بالنصوص دون النظر فمن ذلك لا يقبل آرائها .
قائمة المصادر و المراجع
القرآن الكريم.
زركشي, أمل فتح الله .علم الكلام تاريخ المذاهب الإسلامية وقضاياها الكلامية.الطبعة الثالثة .كونتور-فونوروكو-إندونيسيا.دارالسلام للطباعة والنشر.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar